کد مطلب:90756 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:143
سَلاَمٌ عَلَیْكَ[1]. أَمَّا بَعْدُ، یَا ابْنَ حُنَیْفٍ، فَقَدْ بَلَغَنی أَنَّ رَجُلاً مِنْ فِتْیَةِ أَهْلِ[2] الْبَصْرَةِ دَعَاكَ إِلی مَأْدَبَةٍ فَأَسْرَعْتَ إِلَیْهَا، تُسْتَطَابُ لَكَ الأَلْوَانُ، وَ تُنْقَلُ إِلَیْكَ الْجِفَانُ، فَكَرَعْتَ وَ أَكَلْتَ أَكْلَ ذِئْبٍ نَهِمٍ[3] وَ ضَبُعٍ قَرِمٍ. وَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُجیبُ إِلی[4] طَعَامِ قَوْمٍ عَائِلُهُمْ مَجْفُوٌّ، وَ غَنِیُّهُمْ مَدْعُوٌّ. فَانْظُرْ إِلی مَا تَقْضَمُهُ مِنْ هذَا الْمَقْضَمِ، فَمَا اشْتَبَهَ عَلَیْكَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ، وَ مَا أَیْقَنْتَ بِطیبِ وُجُوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ. أَلاَ وَ إِنَّ لِكُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً یَقْتَدی بِهِ وَ یَسْتَضی ءُ بِنُورِ عِلْمِهِ. [صفحه 799] أَلاَ وَ إِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفی مِنْ دُنْیَاهُ[5] بِطِمْرَیْهِ، وَ مِنْ طُعْمِهِ[6] بِقُرْصَیْهِ، لاَ یَطْعَمُ الْفِلْذَةَ فی حَوْلِهِ إِلاَّ فی یَوْمِ أُضْحِیَتِهِ، یَسْتَشْرِقُ الاِفْطَارَ عَلی أَدْمَیْهِ، وَ لَقَدْ آثَرَ الْیَتیمَةَ عَلی سِبْطَیْهِ[7]. أَلاَ وَ إِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلی ذَلِكَ، وَ لكِنْ أَعینُونی بِوَرَعٍ وَ اجْتِهَادٍ وَ عِفَّةٍ وَ سَدَادٍ. فَوَ اللَّهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْیَاكُمْ تِبْراً، وَ لاَ ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً، وَ لاَ أَعْدَدْتُ لِبَالی ثَوْبی طِمْراً، وَ لاَ ادَّخَرْتُ[8] مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً، وَ لاَ أَخَذْتُ مِنْهَا إِلاَّ كَقُوتِ[9] أَتَانٍ دَبِرَةٍ، وَ لَهِیَ فی عَیْنی أَهْوَنُ[10] مِنْ عَفْصَةٍ مَقِرَةٍ. [ قَالَ اللَّهُ تَعَالی ] تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذینَ لاَ یُریدُونَ عُلُوّاً فِی الأَرْضِ وَ لاَ فَسَاداً[11]. بَلی، كَانَتْ فی أَیْدینَا فَدَكٌ مِنْ كُلِّ مَا أَظَلَّتْهُ السَّمَاءُ، فَشَحَّتْ عَلَیْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ، وَ سَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ آخَرینَ، وَ نِعْمَ الْحَكَمُ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمینَ. وَ مَا أَصْنَعُ بِفَدَكٍ وَ غَیْرِ فَدَكٍ، وَ النَّفْسُ مَظَانُّهَا فی غَدٍ جَدَثٌ تَنْقَطِعُ فی ظُلْمَتِهِ آثَارُهَا، وَ تَغیبُ فیهِ أَخْبَارُهَا، وَ حُفْرَةٌ لَوْ زیدَ فی فُسْحَتِهَا، وَ أَوْسَعَتْ یَدَا حَافِرِهَا، لأَضْغَطَهَا[12] الْحَجَرُ وَ الْمَدَرُ، وَ سَدَّ فُرَجَهَا التُّرَابُ الْمُتَرَاكِمُ، وَ إِنَّمَا هِیَ نَفْسی[13] أُرَوِّضُهَا بِالتَّقْوی لِتَأْتِیَ آمِنَةً یَوْمَ الْخَوْفِ الأَكْبَرِ، وَ تَثْبُتَ عَلی جَوَانِبِ الْمَزْلَقِ. وَ لَوْ شِئْتُ لاهْتَدَیْتُ الطَّریقَ إِلی مُصَفَّی هذَا الْعَسَلِ، وَ لُبَابِ هذَا الْقَمْحِ[14]، وَ نَسَائِجِ هذَا الْقَزِّ، وَ لكِنْ هَیْهَاتَ أَنْ یَغْلِبَنی هَوَایَ، وَ یَقُودَنی جَشَعی إِلی تَخَیُّرِ الأَطْعِمَةِ، وَ لَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوِ بِالْیَمَامَةِ مَنْ لاَ طَمَعَ لَهُ فِی الْقُرْصِ، وَ لاَ عَهْدَ لَهُ بِالشَّبَعِ[15]، أَوْ[16] أَبیتَ مِبْطَاناً وَ حَوْلی بُطُونٌ غَرْثی، وَ أَكْبَادٌ [صفحه 800] حَرَّی، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: وَ حَسْبُكَ دَاءً[17] أَنْ تَبیتَ بِبِطْنَةٍ وَ حَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَی الْقِدِّ أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسی بِأَنْ یُقَالَ لی:[18] أَمیرُ الْمُؤْمِنینَ، وَ لاَ أُشَارِكُهُمْ فی مَكَارِهِ الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فی جُشُوبَةِ[19] الْعَیْشِ؟. فَمَا خُلِقْتُ لِیَشْغَلَنی أَكْلُ الطَّیِّبَاتِ، كَالْبَهیمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا، أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغْلُهَا تَقَمُّمُهَا، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِهَا، وَ تَلْهُو عَمَّا یُرَادُ بِهَا. أَوْ أُتْرَكَ سُدیً، أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً، أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلاَلَةِ، أَوْ أَعْتَسِفَ طَریقَ الْمَتَاهَةِ. وَ كَأَنّی بِقَائِلِكُمْ یَقُولُ: إِذَا كَانَ هذَا قُوتُ ابْنِ أَبی طَالِبٍ فَقَدْ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ عَنْ قِتَالِ الأَقْرَانِ، وَ مُنَازَلَةِ الشُّجْعَانِ. أَلَمْ تَسْمَعُوا اللَّهَ یَقُولُ: فَمَا وَ هَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فی سَبیلِ اللَّهِ وَ مَا ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكَانُوا وَ اللَّهُ یُحِبُّ الصَّابِرینَ[20]. أَلاَ وَ إِنَّ الشَّجَرَةَ الْبَرِّیَّةَ أَصْلَبُ عُوداً، وَ الرَّوَائِعَ الْخَضِرَةَ أَرَقُّ جُلُوداً، وَ النَّبَاتَاتِ الْبَدَوِیَّةَ[21] أَقْوی وُقُوداً، وَ أَبْطأُ خُمُوداً. وَ اللَّهِ مَا قَلَعْتُ بَابَ خَیْبَرَ، وَ رَمَیْتُ بِهَا خَلْفَ ظَهْری أَرْبَعینَ ذِرَاعاً، بِقُوَّةٍ جَسَدَانِیَّةٍ، وَ لاَ بِحَرَكَةٍ غِذَائِیَّةٍ، وَ لكِنّی أُیِّدْتُ بِقُوَّةٍ رَحْمَانِیَّةٍ مَلَكُوتِیَّةٍ، وَ نَفْسٍ بِنُورِ رَبِّهَا[22] مُضیئَةٍ. أَلاَ إِنَّ الذُّرِّیَّةَ أَفْنَانٌ أَنَا شَجَرَتُهَا، وَ دَوْحَةٌ أَنَا سَاقُهَا[23]، وَ أَنَا[24] مِنْ أَحْمَدَ[25] رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی [صفحه 801] اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَالصِّنْوِ مِنَ الصِّنْوِ، وَ الْكَفِّ مِنَ الْیَدِ[26]، وَ الذِّرَاعِ مِنَ الْعَضُدِ. كُنَّا ظِلاَلاً تَحْتَ الْعَرْشِ قَبْلَ خَلْقِ الْبَشَرِ، وَ قَبْلَ خَلْقِ الطّینَةِ الَّتی كَانَ مِنْهَا الْبَشَرُ، أَشْبَاحاً عَالِیَةً، لاَ أَجْسَاماً نَامِیَةً[27]. وَ اللَّهِ لَوْ تَظَاهَرَتِ الْعَرَبُ عَلی قِتَالی لَمَا وَلَّیْتُ عَنْهَا، وَ لَوْ أَمْكَنَتِ الْفُرَصُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَیْهَا، وَ مَا أَبْقَیْتُ عَلَیْهَا. وَ مَنْ لَمْ یُبَالِ مَتی حَتْفُهُ عَلَیْهِ سَاقِطٌ فَجَنَانُهُ فِی الْمُلِمَّاتِ رَابِطٌ[28]. وَ سَأَجْهَدُ فی أَنْ أُطَهِّرَ الأَرْضَ مِنْ هذَا الشَّخْصِ الْمَعْكُوسِ، وَ الْجِسْمِ الْمَرْكُوسِ[29]، حَتَّی تَخْرُجَ الْمَدَرَةُ مِنْ بَیْنِ حَبِّ الْحَصیدِ. وَ سَیَعْلَمُ الَّذینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ[30]. إِلَیْكِ عَنّی، یَا دُنْیَا، فَحَبْلُكِ عَلی غَارِبِكِ، قَدِ انْسَلَلْتُ مِنْ مَخَالِبِكَ، وَ أَفْلَتُّ مِنْ حَبَائِلِكِ، وَ اجْتَنَبْتُ الذَّهَابَ فی مَدَاحِضِكَ. أَیْنَ الْقُرُونُ الَّذینَ غَرَرْتِهِمْ بِمَدَاعِبِكِ[31] ؟. أَیْنَ الأُمَمُ الَّذینَ فَتَنْتِهِمْ بِزَخَارِفِكِ[32] ؟. هَا هُمْ رَهَائِنُ الْقُبُورِ، وَ مَضَامینُ اللُّحُودِ. وَ اللَّهِ لَوْ كُنْتِ شَخْصاً مَرْئِیّاً، وَ قَالَباً حِسِّیّاً، لأَقَمْتُ عَلَیْكِ حُدُودَ اللَّهِ فی عِبَادٍ غَرَرْتِهِمْ بِالأَمَانِیِّ[33]، وَ أُمَمٍ أَلْقَیْتِهِمْ فِی الْمَهَاوی، وَ مُلُوكٍ أَسْلَمْتِهِمْ إِلَی الْمَتَالِفِ[34]، وَ أَوْرَدْتِهِمْ مَوَارِدَ الْبَلاَءِ، إِذْ لاَ وِرْدَ وَ لاَ صَدَرَ. [صفحه 802] هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ[35]، مَنْ وَطِئَ دَحْضَكِ زَلِقَ، وَ مَنْ رَكِبَ لُجَجَكِ غَرِقَ، وَ مَنِ ازْوَرَّ عَنْ حَبَائِلِكِ[36] وُفِّقَ، وَ السَّالِمُ مِنْكِ لاَ یُبَالی إِنْ[37] ضَاقَ بِهِ مُنَاخُهُ، وَ الدُّنْیَا عِنْدَهُ كَیَوْمٍ حَانَ انْسِلاَخُهُ. إِغْرُبی[38] عَنّی، فَوَ اللَّهِ لاَ أَذِلُّ لَكِ فَتَسْتَذِلّینی، وَ لاَ أَسْلَسُ[39] لَكِ فَتَقُودینی، بِأَنْ أَنَامَ عَلَی الْقَبَاطِیِّ مِنَ الْیَمَنِ، وَ أَتَمَرَّغَ فی مَفْرُوشٍ مِنْ مَنْقُوشِ الأَرْمَنِ، وَ أَغْذُوا نَفْساً حُلْوَهَا وَ مُرَّهَا لِتَسْمَنَ، إِذاً أَكُونُ كَإِبِلٍ تَرْعی وَ تُبْعِرُ[40]. وَ أَیْمُ اللَّهِ، یَمیناً بَرَّةً أَسْتَثْنی فیهَا بِمَشیئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، لأُرَوِّضَنَّ نَفْسی رِیَاضَةً تَهِشُّ مَعَهَا إِلَی الْقُرْصِ إِذَا قَدَرْتُ عَلَیْهِ مَطْعُوماً، وَ تَقْنَعُ بِالْمِلْحِ مَأْدُوماً، وَ لأَدَعَنَّ مُقْلَتی كَعَیْنِ مَاءٍ نَضَبَ مَعینُهَا، مُسْتَفْرِعَةً دُمُوعُهَا. أَ تَمْتَلِئُ السَّائِمَةُ مِنْ رَعْیِهَا فَتَبْرُكَ، وَ تَشْبَعُ الرَّبیضَةُ مِنْ عُشْبِهَا فَتَرْبِضَ، وَ یَأْكُلُ عَلِیٌّ مِنْ زَادِهِ فَیَهْجَعَ، قَرَّتْ إِذاً عَیْنُهُ إِذَا اقْتَدی بَعْدَ السِّنینِ الْمُتَطَاوِلَةِ بِالْبَهیمَةِ الْهَامِلَةِ، وَ السَّائِمَةِ الْمَرْعِیَّةِ. طُوبی لِنَفْسٍ أَدَّتْ إِلی رَبِّهَا فَرْضَهَا، وَ عَرَكَتْ بِجَنْبِهَا بُؤْسَهَا، وَ هَجَرَتْ فِی اللَّیْلِ غُمْضَهَا، حَتَّی إِذَا غَلَبَ الْكَری عَلَیْهَا[41] افْتَرَشَتْ أَرْضَهَا، وَ تَوَسَّدَتْ كَفَّهَا، فی مَعْشَرٍ أَسْهَرَ عُیُونَهُمْ خَوْفُ مَعَادِهِمْ، وَ تَجَافَتْ عَنْ مَضَاجِعِهِمْ جُنُوبُهُمْ، وَ هَمْهَمَتْ بِذِكْرِ رَبِّهِمْ شِفَاهُهُمْ، وَ تَقَشَّعَتْ بِطُولِ اسْتِغْفَارِهِمْ ذُنُوبُهُمْ. أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[42]. فَاتَّقِ اللَّهَ، یَا ابْنَ حُنَیْفٍ، وَلْیَكْفِكَ[43] أَقْرَاصُكَ لِیَكُونَ مِنَ النَّارِ خَلاَصُكَ. وَ السَّلاَمُ[44]. [صفحه 803]
و قد بلغه أنه دُعی إلی ولیمة رجل من أهلها فمضی إلیها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمیرِ الْمُؤْمِنینَ إِلی عُثْمَانَ بْنِ حُنَیْفٍ.
صفحه 799، 800، 801، 802، 803.
و الجوهرة ص 81. و البحار ج 40 ص 318. و مصادر نهج البلاغة ج 3 ص 374. باختلاف بین المصادر. و متن منهاج البراعة ج 20 ص 117. و نسخة الصالح ص 418. و نسخة العطاردی ص 359.